وهناك تزوج إمرأةً منهم ، فولدت له المقداد .
نشأ الفتى في ظل أبيه ورعايته ، وحنان أمه وعطفها ، ضمن مجتمع ألِفَ مقارعة
السيوف ، ومطاعنة الرمح ، فكانت الشجاعة احدى سجاياه التي إتصف بها فيما بعد ،
حتى إذا بلغ سن الشباب أخذت نوازع الشوق إلى أرومته ومضارب قومه في بهراء تدب
في نفسه فتدفعه إلى تخطي آداب « الحلف » غير مكترثٍ ولا مبالٍ .
فقد أحس أن اغترابه هذا ، وبعده عن الأهل والوطن إنما حدث نتيجة لذنبٍ إقترفه
أبوه حيال قومه ، وأن الحلف لا يعني أكثر من قيدٍ « مهذب » يضعه الحليف في عنقه ،
وأعناق بنيه ! . بالرغم من براءة ساحتهم . . كان هذا الشعور يراوده بين الفينة والفينة
فتستيقظ في نفسه رغبة الإنتقام من حلفائه والتمرد على تقاليدهم ، لذا ، فلم يكن هو
الآخر اسعد حظاً من أبيه ، حيث اقترف ذنباً مع مضيفيه « وأخواله » فاضطر إلى
الجلاء عنهم أيضاً .
فقد ذكروا أنه : حين كبر المقداد وقع بينه وبين أبي شمر بن حجر الكندي ـ أحد
زعماء كندة ـ خلافٌ ، فما كان من المقداد إلا أن تناوله بسيفه ، فضرب رجله وهرب
إلى مكة.
حين وصل إلى مكة ، كان عليه أن يحالف بعض ساداتها كي يمنعوه مما يمنعون منه
أنفسهم ، لكن طموحه كان يدفعه إلى إختيار الرجل القوي المرهوب الجانب ، فكان
يتريث في ذلك ، وكان يقول : لأحالفنَّ
أعزّ