كانت تلاعب النبي ( وهو صغير، وتقول له:
يا ربَّنَـا أبْقِ لَـنَا مُحَمَّـدًا حتى أرَاهُ يَافِــعًا وأمْـــــرَدَا
ثُمَّ أَراهُ سَـيِّدًا مُـسَـوَّدَا واكْـبِـتْ أعَـادِيهِ مَعًا وَالْحُـسَّدَا
وَأعْطِهِ عِزّا يَـدُومُ أبدًا
وكان أبو عروة الأزدى إذا أنشد هذا يقول: ما أحسن ما أجاب اللَّه دعاءها!
إنها الشيماء "حذافة بنت الحارث" -رضى اللَّه عنها- أخت النبي ( من الرضاعة... وحاضنته مع أمها حليمة السعدية -رضى اللَّه عنها-.
أحبتْ
الشيماء أخاها رسول اللَّه (، وتابعتْ أخباره أولا بأول، وسمعتْ بدعوته
حين بُعث فصدقتْه وناصرتْه. رأتْ فى دعوته السلام والأمن والحب والتسامح
والإخاء...
ولما أغارت خيل رسول اللَّه ( على هوازن (قبيلة الشيماء)،
وهزم بنو سعد، كانت فيمن أخذ من السبي، وكانت قد كبر سنها، وضعف جسمها
وتغيرت ملامحها كثيرًا، فقالت لمن أسرها من المسلمين: أنا أخت صاحبكم.
فلما قدموا بها، قالت: يا محمد! أنا أختك. وعرّفته بعلامة عرفها، فرحب بها
وبسط لها رداءه فأجلسها عليه، ودمعت عيناه، فقال لها: "إن أحببتِ أن ترجعى
إلى قومك أوصلتُك، وإن أحببتِ فأقيمى مكرَّمة محبّبة". فقالت: بل أرجع.
فأسلمـت وأعطـاهـا النبي ( نَعـَمًا، وغـلامـًا، وجـارية؛ إكـرامًا لها
[ابن هشام].
ولما توفى رسول الله ارتد قومها (بنو سعد) عن الإسلام،
فوقفتْ موقفًا شجاعًا، تدافع عن الإسلام بكل جهدها؛ حتى أذهب الله الفتنة
عن قومها.
وكانت -رضى اللَّه عنها- كثيرة العبادة والتنسُّك، واشتهرت
بشِعرها الذي ناصرت فيه الإسلام ورسوله، وظلت تساند المسلمين وتشد من
أزرهم حتى أتاها اليقين، فرضى اللَّه عنها.