قالت: بينما رسول اللَّه ( يزورنا إذ وضع رأسه؛ لينام
ساعة القيلولة، فاستيقظ فجأة وهو يبتسم، فقالت: لم تضحك يا رسول الله؟
قال: " ناس من أمتى يركبون البحر الأخضر فى سبيل الله، مثلهم مثل الملوك
على الأِسّرة " فقالت: يا رسول الله، ادعُ اللَّه أن يجعلنى منهم . قال:
"اللهم اجعلها منهم".ثم عاد فضحك فقالت له مثل ذلك، فقال لها مثل ذلك،
فقالت: ادع الله أن يجعلنى منهم. قال: "أنت من الأولين ولست من الآخرين"
[البخاري].
وقالت: سمعت رسول اللَّه ( يقول: "أول جيش من أمتى يغزون البحر قد أوْجبوا".
قالت: يا رسول اللَّه أنا فيهم؟
قال: "أنت فيهم". ثم قال النبي (: "أول جيش من أمتى يغزون مدينة قيصر مغفور لهم".
فقالت: أنا فيهم يا رسول الله؟
قال: "لا" [البخاري].
وكانت تلك نبوءة تنبأ بها رسول اللَّه (.
إنها أم حرام بنت ملحان الخزرجية الأنصارية، أخت الرُّمَيْصَاء أم سليم -رضى اللَّه عنهما-.
تزوجها
عمرو بن قيس -رضى الله عنه- فأنجبت له قيسًا وعبدالله، وظلت مع عمرو بن
قيس حتى كانت غزوة أحد، فاستشهد عمرو وولده قيس، فتزوجها عبادة بن الصامت
-رضى الله عنه- فعاشت فى كنفه مطيعة راضية.
وكان لأم حرام شغف بالجهاد
فى سبيل اللَّه، وباعٌ طويل فيه؛ فقد خرجت مع زوجها عبادةَ إلى الشام فى
جيش كان قائده معاوية ابن أبى سفيان -رضى اللَّه عنه- فلما جاز معاوية
بجيشه البحرَ، كانت أم حرام تركب دابة لها، فجالت بها الدابة، فصرعتها
وقتلتها، وذلك فى غزوة "قبرص"، وهكذا تحققت نبوءة النبي ( لها.
توفيت
أم حرام فى خلافة عثمان بن عفان -رضى الله عنه- سنة 28 هجرية، ودفنت فى
مكان مَقْتَلِها (بجزيرة قبرص)، وكان الناس كلما مَرّوا بقبرها يقولون:
هذا قبر المرأة الصالحة.
وروت السيدة أم حرام -رضى الله عنها- بعضًا من أحاديث رسول الله (.